برعاية مدير عام المكتبة الوطنية الأستاذ الدكتور نضال الأحمد العياصرة اقيم في المكتبة مساء أمس الثلاثاء 19/9/2023 ندوة حوارية بعنوان " بأي ذنب قتلوا " بتنظيم من فريق شذى الروح وشارك في الندوة كل الشيخ عاطف اعطيوي المجالي والخبير الجنائي الدولي العميد المتقاعد زهدي جانبيك وأدار الحوار المهندس محمد عواد المجالي وبحضور جمع من المفكرين والأدباء والمؤلفين والشعراء والمحامين, حيث تم الحديث عن جريمة إطلاق الأعيرة النارية في المناسبات والأفراح وأثرها المدمر على المجتمع
قال الشيخ اعطيوي بأن أسباب حيازة ابناء العشائر والبدو والأرياف للأسلحة النارية كانت قديماً لحماية أرواحهم وممتلكاتهم ومن ثم للتحضير لمقاومة الخطر الصهيوني الذي كان يهدد الأردن خلال الحروب التي حدثت معه, وكذلك كان السلاح يتواجد في أيدي أمينة تعرف قيمة السلاح وتعرف متى يستخدم, ولكن هذا الأمر تغير مع نشوء وتطور الدولة الأردنية وقيامها بواجباتها ومسؤولياتها في حماية مواطنيها وتحقيق الأمن والأمان, وأصبح إمتلاك الأسلحة النارية واستخدامها بطريقة خاطئة يهدد المجتمع والأفراد.
بدوره أشار جانبيك إلى أن عملية "إطلاق الأعيرة النارية" لم تعد ظاهرة, بل أصبحت ثقافة تشيع بين الناس ويتقبلوها, وبالتالي فإنه لا بد من التعامل معها بهذه الصفة وليس بصفتها ظاهرة فقط, وإن من وسائل محاربة هذه الثقافة المدمرة هي بالإمتناع عن فعلها من قبل الأفراد, والمنع لفعلها عن طريق القوانين والأنظمة والمؤسسات الحكومية من خلال تغليظ العقوبات وعدم التهاون في تطبيقها, وأشار إلى أنه عندما تخرج الرصاصة من السلاح باتجاه الفضاء فإنها ولا بد أن تعود إلى الأرض في محيط دائرة لا يتعدى الخمسمائة متر, وإن سرعة الرصاصة في حال عودتها ساقطة هي سرعة قاتلة, وهناك العديد من الحوادث التي حدثت سنوياً ونتج عنها إصابات وقتلى. وأشار إلى ضرورة إلزام كل من يقتني سلاح ناري بترخيص هذا السلاح والذي يتم من خلاله أخذ بصمات هذا السلاح التي تنطبع على الأظرف الفارغة وعلى رؤوس الطلقات ليتم التعرف على السلاح المستخدم وعلى صاحب السلاح عند العثور على راس طلقة او ظرف فارغ في اي مناسبة تم إطلاق الأعيرة النارية فيها مما يشكل ردع لكل شخص بأن الرصاصة التي يطلقها ستدل عليه وعلى السلاح الذي استخدمه.
وذكر مدير الجلسة المجالي بأن عناصر عملية اطلاق الأعيرة النارية في المناسبات هي ثمانية عناصر وهي: أولاً: انسان بالغ عاقل في الغالب ذكر وليس أنثى, وثانياً: سلاح ناري صالح للإستخدام مع عتاده الخاص به, وثالثاً: مناسبة اجتماعية كعرس أو نجاح أو تخرج, ورابعاً: حالة استثارة يتعرض لها الإنسان تدفعه لإطلاق الأعيرة النارية, وخامساً: حالة تقبل من بعض الحضور في المناسبة, وسادساً: جهل تام بقوانين الفيزياء وعلم المقذوفات الذي يؤكد أن الرصاصة مهما ارتفعت في السماء فإنها سوف تسقط عائدة للأرض, وسابعاً: جهل تام بقانون العقوبات الأردني وتعديلاته الحديثة التي غلضت من عقوبة اطلاق الأعيرة النارية بحسب ما ينتج عنها من إصابات أو وفيات لدرجة أنها اصبحت تعد جريمة قتل عمد تصل عقوبتها إلى عشرين سنة في حال حدوث وفاة, وثامناً: اشهار السلاح والبدء بعملية أطلاق الأعيرة النارية. وإنه لا بد من تحييد بعض هذه العناصر حتى يتحقق المنع والردع.
وشارك الحضور بآراءهم ومقترحاتهم تناولوا فيها موقف الدين والمفاهيم الخاطئة المتوارثة والعقوبات السابقة والحالية, وفي نهاية الندوة توصل الحضور إلى التوصيات التالية:
التأكيد على أهمية كل الأنشطة الرسمية والشعبية التي تقوم بها مؤسسات المجتمع المدني والدعوة إلى عقد المزيد منها والتي تدعوا إلى الكف عن إطلاق الأعيرة النارية بدون سبب أو داع.
التأكيد على ان اطلاق الأعيرة النارية في المناسبات لم يعد مقبولاً لما ينتج عنها من خسائر بشرية ومادية وضرورة مكافحتها من خلال التوعية وتطبيق القوانين وتغليظ العقوبات.
إعتبار أن عملية إطلاق الأعيرة النارية في المناسبات هي ثقافة وليست فقط ظاهرة, والتعامل معها بهذه الصفة لإيجاد الحلول المناسبة والناجعة في محاولة للتخلص من هذه "الثقافة" السيئة والخطرة واستبدالها بثقافة أفضل وآمن, وهذا من مسؤولية المفكرين والكتاب والإعلاميين وأصحاب الرأي والتأثير, ولا بد من وضع استرتيجية للتخلص من هذه الثقافة تشترك بها مؤسسات الدولة ومؤسسات المجتمع المدني وأن يكون العمل متواصل ولا يتعمد على اسلوب "الفزعة"