ندوة الشعر النسائي الأردني جدلية الحضور والغياب في المكتبة الوطنية

أقيم في المكتبة الوطنية مساء أمس الثلاثاء 16/5/2023 ندوة بعنوان " الشعر النسائي الأردني : جدلية الحضور والغياب "  بتتنظيم من جمعية النقاد الأردنيين بالتشارك مع المكتبة الوطنية ، شارك فيها كل من الدكتور راشد عيسى ، الدكتور مراد البياري والدكتورة مها العتوم وأدار الندوة الدكتورة نبال نزال .

يرى د. البياري ان دراسة النصوص الأدبيَّة ضمن قالبها اللُّغَوِيِّ ذو أهميَّة بالغة ويقول : "الوسائل اللُّغَوِيَّةُ المُستخدَمة في النصِّ الأدبي تُبَيِّنُ مدى قدرة الكاتب على توظيفها للوصول إلى مرحلة الإبلاغ في النص، ثمَّ إنّها تكشفُ مدى اتِّساع هذه اللُّغة وانفتاحها على المعاني التي يرمي إليها النصُّ؛ فاللُّغةُ مُكَوِّنٌ أساسيٌّ لأيِّ نصٍّ مكتوب أو مقروء، وهي الأُسُّ الذي يَختَبِرُ براعة الكاتب في أدائه اللُّغَوِيّ، وهي التي بها نتوصَّلُ إلى قصديَّة الخطاب في النصِّ؛ إذ إنَّ "العلاقة بين اللُّغة والقصد تُشَكِّلُ ركنًا أساسيًّا في كلِّ كتابة، فتتحوَّلُ اللُّغةُ من أداة لتوفير الأجوبة المُقنعة والممتعة إلى أسئلة غيرِ منتجة أو غير قابلة للأجوبة، وفي هذه الوضعيَّة تُيَسِّرُ للشاعر أن يعبث بالعلاقات اللُّغَوِيَّة .

وبين د. عيسى موقفه من الشعر النسوي متسائلاً عن سبب رؤية العالم كله ان الشعر النسوي أدنى من شعر الرجل ، فقد لاقت الشاعرات عبر التاريخ اضطهادًا عظيمًا في اليابان والصين وكُنّ يُرجمن بالحجارة ويقتلن بطرق مختلفة. مئات الشاعرات وُئَدِنَ في المهد .

وقال ان "عدد الشاعرات في كل بيئة ثقافية في العالم "5" بالمئة من عدد الشعراء. وان معظم الشاعرات اللواتي حققن شهرة في العالم، هن بنات أسر متنفذة أو غنية، مثل الخنساء، ولادة، عائشة التيمورية، فدوى طوقان، نازك الملائكة، الأمريكية جابريلا ميسترال، وإيميلي ديكنسون".

وأشار عيسى الى أن مئات الفتيات يقدمن أنفسهن على أنهن شاعرات، ولا تمتلك إحداهن أي دراية بموسيقى الشعر أو لغته الشجاعة، لكن مواقع الاتصال الاجتماعي تسمح لهن بهذه الفوضى أو يؤازرهن نقاد أدعياء جهلاء بفن الشعر لكنهم خبراء بفن المجاملة"

وبين ان موقف الرجل من شعر المرأة مؤلم متناقض منذ النابغة، عندما قال للخنساء لولا أبو بصير لقلت إنك أشعر الإنس والجنّ.. إلى ما وجدته عند بعض النقاد حين يرفعون شاعرة متواضعة إلى القمة المزيفة :خنساء العصر، أو كما دلّل الغذامي نازك الملائكة: ماما نازك. الرجل أسهم في الإساءة إلى شعرية المرأة.

وأشار الى ان الشاعرات المتميزات نادرات على مرّ التاريخ وباختلاف البيئات الثقافية نسبة الجيد من شعر الشاعرة الواحدة أيضًا قليل.

شعر الحب عند المرأة نادر، لأنها لا تستطيع أن تبوح بمكنونها العاطفي كما تشاء، لأن الأعراف والسلطة الذكورية بالمرصاد. في العصر الأموي برزت ليلى الأخيلية في شعرها شجاعة عبرت عن موقفها العاطفي من حبيبها توبة بن حميّر أمام الحجاج وعبد الملك بن مروان ، تركز المرأة في شعرها على الفكرة وهي فكرة ذاتية على الأغلب، فقلما تشتبك الشاعرة بالقضايا الكبيرة وإذا اشتبكت كانت رؤاها بسيطة. لا تضر ولا تنفع.. فدوى طوقان "سيدة القصيدة الفلسطينية" لم تترك لنا مقطعًا شعريًا واحدًا يردده الجمهور العربي.

 

قلما نجد خصبًا فنيًا في قصيدة المرأة من مثل استدعاء التراث وتوظيف الأساطير أو العلو بالترميز إلى آفاق متميزة. لذلك يوصف الكثير من شعر المرأة بالترهل الفني.

 

وتحدثت د. العتوم عن استعادة الشعر في ديوان : " مالا يستعاد " للشعارة مريم شريف ان أهم ما يلفت القارئ في قصيدة مريم شريف هو هذه هذه التدفقات الشعرية المنسابة مثل نهر، بجمل شعرية تبدو كأنها مجرد كلام عادي من شدة بساطتها، ولكنها تمتلك شعرية عالية بسبب كل ما فيها من بساطة، ولكنها بساطة خادعة تسحب القارئ إلى حوار عميق مع الإنسان والطبيعة والحياة والموت والمجاز، وهو حوار عميق وحزين في الوقت نفسه إلا أنه مضيء مثل ضوء آخر النفق، لذلك يتبعها القارئ من أول النفق إلى آخره حابساً أنفاسه ومسحوراً يفتش عن علة ذلك الضوء.

واشارت ان كتابة شريف قريبة من الضجيج: الحياة، والناس: الإنسان، والركام: الواقع بكل ما فيه خراب نعيشه، و تكتب الألم الذي لا يمكن قوله ولا البكاء بسببه، ولكنه يحز في النفس، ويُسبب البكاء الداخلي الذي لا تكفكفه إلا الكتابة، ولكنها كتابة على البياض المتلاشي وعلى الورقة الممزقة وكأنه سؤال الزمن والجدوى، وكل ما تكتبه إنما يضاف إلى الركام الذي تجاوره وتكتب عنه، وفي الحقيقة هي تُجمّله وتجعله قابلاً للاحتمال بالفن والجمال .

وبينت انه في قصيدة الشاعرة شريف تختفي البلاغة القديمة بحدودها المتعارف عليها، وتقيم قصيدتها بلاغتها الخاصة على علاقات جديدة بين مفردات الكون والإنسان والطبيعة، فتشكل معجماً متفرداً  للمفردات والتراكيب والجمل الشعرية، وتصنع صورها الفنية بأسلوبها الخاص المميز، فلا تنبني القصيدة عندها على تراكم الصور، ولكنها تشكل صورها بالكلام السهل البسيط الذي تظنه -في لحظة ما- كلاماً عادياً ويومياً وتلقائياً كأن لا شعر فيه، وهذا هو السر في شعرها

من جانب اخر تحدثت عن تجربة الشاعرة التي تشغل عزلتها بالتأمل، وهي عزلة لا بد أنها تتسم بالعتمة وظلمة الجدران والبعد عن الناس، ولكنها كافية للشعر حين تكثر النظر وتطيله وتصنع من الضوء البعيد الضئيل نوراً متوهجاً، وهذا الضوء يعشي ما حولها ويغرقه في الظلام .

 

 


كيف تقيم محتوى الصفحة؟